برعاية معالي المدير التنفيذي الأستاذ الدكتور محمد بن خليفة التميمي- حفظه الله-، وبإشراف اللجنة التنسيقية التابعة لعمادة البحث العلمي بوكالة البحوث والتطوير، قامت جامعة المدينة العالمية يوم الخميس الموافق: 31 ديسمبر 2015م، بتنظيم الندوة الشهرية السابعة والأخيرة لعام 2015م وذلك ضمن سلسة الندوات العلمية التي تعقدها بشكل شهري، تحت عنوان: “مجالات التجديد في العلوم الإسلامية: جهود جامعة المدينة العالمية”.
وتهدف الندوة إلى معرفة طبيعة الموضوع المراد بالتجديد، والإلمام بتاريخ تطوره، كما تهدف إلى الوعي المستلزم لدعوى التجديد والإصلاح؛ وذلك لدى الشعور بوجود فجوة وإشكالية بين الأمس واليوم، أو بين طبيعة الموضوع قديما وبين متطلبات الموضوع وثمراته حديثا، أو بين النظرية المثالية وبين الواقع، تطابقا مع فكرة تأسيس جامعة المدينة العالمية لتوفير العلوم عامة والشرعية خاصة إلى أكبر قدر ممكن من الناس بالاستفادة من واقع التطور المعلوماتي والتقني، كما تسعى إلى إتاحة الفرصة لأعضاء هيئة التدريس والباحثين، لأن يلقوا الضوء على مفهوم الدراسات الإسلامية وطبيعة تخصصاتها وما يمايز كل عن غيرها، وعن كيفية تضامن الكليات العلمية المختلفة في صناعة العلم وإنتاج البحث، كذلك إن من أهداف الندوة؛ تقويم المقررات الدراسية المتاحة والتي تُخرج الطلاب والباحثين، وتقويم الرسائل العلمية القائمة، والبناء عليها، وعرض الأساليب الأمثل لعملية الإشراف، والبحث، وسبل تطوير مفردات الدراسات الإسلامية.
وابتدأت فعاليات الندوة بكلمة افتتاحية من رئيس الجلسة الأستاذ المشارك بكلية العلوم الإسلامية الدكتور الدكتور أنيس الرحمن منظور الحق أعلن فيها عن المحاور التي يتوخى تحقيقها الندوة، تمثلت في جهود علماء المسلمين قديما وحديثا في تصنيف العلوم، ومكانة العلوم الإسلامية، وتصنيف العلم عند علماء الغرب قديما وحديثا ومكانة العلوم الإسلامية، وسائل تلقي العلوم قديما وحديثا، والعلم بين القداسة والموضوعية، وغيرها.
عندئذ تم مداولة الورقات العلمية وفق المحاور المسجلة؛ فقدم الورقة الأولى: الأستاذ مصطفى أبوبكر عثمان، طالب الدكتوراه في الدراسات المعجمية بجامعة المدينة العالمية والتي أتت بعنوان: “جهود علماء المسلمين قديماً وحديثاً في حقل الدراسات المعجمية” دراسة وصفية تحدث فيها عن مكانة الدراسات المعجمية عند العرب، والجهود التي بذلها اللغويون بإثراء هذا الحقل العلمي، وأسس أن ورقته تسعى إلى رفع الحجاب عن مدى طبيعة هذه المجهودات المبذولة قديماً وحديثاً من أجل خدمة هذا الحقل؛ إذ إن خدمته خدمة للإسلام والمسلمين جمعاء. كما تسعى أيضاً إلى الكشف عن الجوانب التي لا زالت إلى الآن في أمس الحاجة إلى مزيدٍ من الدّراسات الممتدّة لسدّ احتياجات العالم العربي والإسلامي في القرن الحادي والعشرين.
وعقبه أعلن رئيس الجلسة عن الورقة الثانية وكان عنوانها:” الفقه الإسلامي بين التقليد والتجديد” بتقديم الأستاذان: الأستاذ المشارك بكلية العلوم الإسلامية الدكتور خالد حمدي، والأستاذ المساعد الدكتور علي أحمد سالم وضحا فيها أن مشكلة هذه الورقة تكمن في إمكانية تجدد الفقه الإسلامي، وأي المجالات فيه قابلة للتجدد، وأيها خاضع للتقليد والثبات لا يقبل التغير، وكيفية هذا التجدد، وما أهم قواعده، وضوابطه، من هذا المنطلق فإن هذه الورقة البحثية تهدف إلى إثبات مرونة الفقه الإسلامي وقابليته للتجدد والتغير بحسب تغير مصالح الناس، وهذا في بعض جوانبه ومجالاته، وما يتصف فيه بالثبات مثل العبادات فإنه متوافق مع كل الأزمان وكل الأماكن، والتجدد يدخل هذه المجالات أيضاً من حيث تطوير طرق تعليمها وتعدد الوسائل فيها، كما يهدف البحث إلى الكشف عن المجالات التي تتسم بالمرونة وتقبل التجدد والتطور، مع بيان القواعد والضوابط المنظمة لهذا التجدد، وقد استخدم الباحث المنهج التحليلي في هذه الورقة البحثية محاولاً الوصول إلى ما يرنو إليه خلالها.
والورقة الثالثة بعنوان: “ملامح تجديد علم أصول الفقه”جامعة المدينة العالمية نموذجا” بتقديم الأستاذ المساعد بكلية العلوم الإسلامية الدكتور ياسر محمد عبد الرحمن طرشاني بين أن فكرة بحثه تدور حول أهمية التجديد في علم أصول الفقه للربط بين الجانب التأصيلي والجانب التطبيقي، كما تكمن الإشكالية في انفصال أصول الفقه عن حل مشاكل الواقع المعاصر، والاكتفاء بالجانب النظري دون الجانب التطبيقي، وكذلك تكمن أهداف البحث في توضيح: رؤية ورسالة وأهداف مناهج علم أصول الفقه بالجامعة، والدراسات والأبحاث العلمية الأصولية المعاصرة بالجامعة، وقد استخدم الباحث المنهج الاستقرائي التحليلي، أي حصر ملامح التجديد وأهم عناوين الرسائل والأبحاث العلمية المتميزة في الجانب الأصولي بجامعة المدينة العالمية، وبالتالي توضيح تلك الملامح وكيفية الاستفادة منها وتحليل بيانات استطلاع الرأي وتقديم مقترحات للتجديد.
وقدم الأستاذ المشارك بكلية العلوم الإسلامية الدكتور سيكو توري ورقته والتي حملت عنوان:” مجالات التجديد في العقيدة بكلية العلوم الإسلامية بجامعة المدينة العالمية بماليزيا “دراسة تحليلية للأهداف، والمقررات الدراسية” بين فيها الباحث أن دراسته تسعى إلى دراسة مدى تطابق أهداف ومقررات قسم العقيدة في جامعة المدينة العالمية مع نظرية ابن خلدون في بيان طبيعة التخصص، كما وتهدف إلى تحليل نقاط الاتفاق والاختلاف، ومن ثم اقتراح مجالات الإضافة والتجديد مع مراعاة عنصر التطور الزمني والمكاني، وتهدف إلى بيان نظرية ابن خلدون حول طبيعة علم العقيدة، والوقوف على أهداف قسم العقيدة في تدريس العقيدة، وما أهم مقرراتها الدراسية، والكشف عن مجالات الإضافة والتجديد المقترحة على القسم بناء نسبة التوافق والاختلاف بين النظرية والمقررات، وأوصى بعدة توصيات أهمها: مراجعة الأهداف والمقررات مراجعة شاملة، ووضع لجنة للإشراف على ذلك للخروج بخطة عمل والفترة الزمنية ومتطلبات العمل. وأهمية إيجاد ضابط مضطرد في التفريق بين العلوم الإسلامية، ومن ثم الخروج بمواد العقيدة الضرورية، والمساعدة والمكلمة. العمل على أن يكون علم العقيدة علم يوحد بين المسلمين، ويقدم الخطاب في ذلك خطابا وحدويا، مع بناء ثقافة لإيجاد حل مناسب بين باقي الفرق الإسلامية. أخيرا الاهتمام بنظرية الدين والتدين في جعلها معيارا لتقسيم العلوم الإسلامية وإعادة التخصص وإنتاج المقررات الدراسية فيه بناء عليها.
عقبه قام الأستاذ الدكتور بكلية إدارة الأعمال الحاج سعدون ناصر الهيتي بتقديم ورقته المعنونة لها:” إدارة التغيير من وجهة نظر إسلامية منهجية” تطرق فيها إلى الغرض الأساسي لهذه الورقة، والتي تمثلت في دراسة وتحليل طبيعة لإدارة الإسلامية للتغيير في الجزيرة العربية وما بعدها في (ألقرن ألأول وألثاني ألهجري)، وذلك من أجل استنباط أهم مبادئ وأسس إدارة التغيير الإسلامية. كما تطرق إلى ما تشمله الدراسة من مجتمع، إضافة إلى العلاقات بين الجزيرة العربية وما يجاورها من أمم أخرى في ذلك الوقت. وذلك بهدف التعرف على أبعاد التغيير الإسلامية وآثاره الكونية وإمكانية الأستفادة منها في العصر الحديث الذي تسود فيه نظريات في الادارة تبنى على أسس المصلحة الشخصية وتعظيم الأرباح والابتعاد عن القيم الدينية والأخلاقية وعدم مراعاة طبائع البشر المتوارثة.
وأخيرا عرض ورقة الأستاذ المساعد الدكتور محمد فتحي العتربي تحدث فيها عن التجديد في علم أصول الفقه باعتباره تراثا فكريا وجهدا بشريا وما كونه أمر ضروري بل وواجب شرعي حسبما يراه، وأضاف أن مصطلح التجديد من أكثر المصطلحات الحديثة تداولا وتناولا بين التيارات الفكرية كافة؛ تنازعته الثقافات والعقول وادعت تحت لوائه تغييرا وتبديلا، وطال ذلك بعض العلماء والمفكرين المسلمين؛ لكن لحاجة المصطلح -في ساحة الدراسات الشرعية بعامة والبحث الأصولي خاصة -إلى تحرير وضبط تناولته مبينا معناه وطبيعته وضوابطه. و لا مرية في أن علم الأصول بأدلته ومناهجه يحتاج إلى التشغيل والتنزيل والتفعيل ولا سبيل لذلك إلا بالمراجعة والتجديد لكن دون أن تنابز مصادره (الكتاب والسنة) أو تنحرف مناهجه تحت زعم التجديد محاولا تطبيق ضوابط ذلك التجديد في تناول الأدلة الشرعية الأصلية والتبعية والله المستعان.