قامت جامعة المدينة العالمية، برعاية معالي المدير التنفيذي الأستاذ الدكتور محمد بن خليفة التميمي- حفظه الله، وبإشراف اللجنة التنسيقية التابعة لعمادة البحث العلمي بوكالة البحوث والتطوير، بتنظيم الندوة الشهرية الرابعة لعام 2015م، يوم الخميس الموافق 30 أبريل 2015م، وذلك ضمن سلسة الندوات العلمية التي تعقدها بشكل شهري، في المقر الرئيس للجامعة بمدينة شاه علم – ماليزيا، تحت عنوان:” طبيعة الدولة من منظور الإسلام” والتي تناولت عدة ورقات تم مناقشتها خلال جلسات الندوة.
وانطلقت فعاليات الندوة بكلمة افتتاحية من رئيس الجلسة الأستاذ المساعد بكلية العلوم الإسلامية ومدير هيئة مجلة مجمع الدكتور ياسر محمد عبد الرحمن طرشاني، حيث جسّد إشكالية الندوة، وهدفها، والنتائج الملتمسة منها. ومن بعده تم مداولة الورقات العلمية المسجلة، والمسائل، والموضوعات المعلنة. فجاءت الورقة الأولى تحت عنوان: مفهوم الدولة ومقاصد تكوينها في الشريعة الإسلامية قدمها: الدكتورخالد حمدي الأستاذ المشارك بكلية العلوم الاسلامية، والدكتور الصديق أحمد عبد الرحيم الجزولي الأستاذ المشارك بكلية العلوم الاسلامية، تحدثا فيها عن مفهوم الدولة من خلال المنظور الإسلامي وبيان طبيعة هذه الدولة ومقاصد تكوينها، وهدفها؛ بيان أن الدولة من خلال المنظور الإسلامي ليست تسلطية ولا قهرية ولا عدوانية ولا هي نائبة عن الله في أحكامها، بمعنى أن أحكامها في غالبها اجتهادية قابلة للصواب والخطأ، وما تبين خطؤه وجب نقضه؛ لأن الأصل هو رعاية مصالح الناس ونشر الخير والعدل والسلام بين البشر جميعا، حيث استخدما المنهج الاستقرائي والمنهج التحليلي، بجمع ما يتصل بهذا الموضوع من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، مع استقراء التاريخ الإسلامي وآراء الفقهاء في ذلك، وتحليل كل هذه المضامين للخروج بوصف دقيق لطبيعة الدولة الإسلامية ومقاصد تكوينها. توصلا إلى أن مفهوم الدولة ومقاصد تكوينها في الإسلام تبين عدة مفاهيم، منها: أن الدولة الإسلامية هي مجموعة المسلمين ومن تبعهم من الذميين الذين يعيشون تحت سيادة مرجعها أحكام وقواعد الشريعة الإسلامية، أن الدولة ضرورة من ضرورات الحياة، أن الدولة في الإسلام تعني أيضا بالفكر والعقيدة، أن الدولة الإسلامية غير محدودة بموقع أو إقليم، أن من مقاصد تكوين الدولة في الإسلام حماية العقيدة ونشرها، أن من مقاصدها تكوين الدولة في الإسلام، وعمارة الأرض وصيانتها من الفساد، أي: صيانتها من الفساد، وأن من مقاصد قيام الدولة في الإسلام رعاية مصالح الناس سواء كانت تلك المصالح تتعلق بالدين أم بالدنيا، أنه لا مصلحة في الدنيا والآخرة إلا وقد رعاها الإسلام وأوجد لها الأحكام التي تكفل إيجادها والحفاظ عليها، وما من مفسدة في الدنيا والآخرة إلا بينها للناس وحذرهم منها، وأرشدهم إلى اجتنابها والبعد عنها مع إيجاد البديل لها.
والورقة الثانية: أتت تحت عنوان: ” طبيعة الدولة” قدمها الدكتور أنيس الرحمن منظور الحق الأستاذ المشارك بكلية العلوم الإسلامية،تحدث فيها الباحث عن معنى الدولة، وعن خصائصها، ومقاصدها في الشريعة الإسلامية، وعن مقاصد إقامة الدولة في الإسلام، وهدفه: الوقوف على تعريف الدولة في الإسلام، وبيان خصائص الدولة في الإسلام، وتحقيق المقاصد في الشريعة الإسلامية بإبراز مقاصد إقامة الدولة في الإسلام، وأخيرا توصل الباحث إلى تعريف الدولة في الإ سلام حيث عرفها:” كيان ديني وسياسي يقيم الدين ويسوس الدنيا به”، و أن إقامة الدولة في الإسلام واجبة، وأن الدولة في الإسلام لها خصائص ومعالم تتميز بها عن غيرها من الدول، وأن مقاصد إقامة الدولة في الإسلام مقصدان رئيسيان، وهما: إقامة الدين، وسياسة الدنيا بالدين.
وأتت الورقة الثالثة بعنوان: “المجتمع الإسلامي في الخطاب الإسلامي المعاصر: الحركة الإسلامية والوسطية نموذجا” والتي قدمها عميد البحث العلمي الدكتور سيكو توري الأستاذ المساعد بكلية العلوم الإسلامية، إذ سعى الباحث إلى دراسة حقيقة المصطلح في الفكر الإسلامي المعاصر، توصل إلى أن قضية إيجاد مجتمع إسلامي أمر حتمي، وهو يدخل في موضوعات التدين، وتباينت آراء الفكر الإسلامي المعاصر في تحديد ماهيته وكنهه لذلك، والقول الفصل فيه وفي قضايا السياسة الشرعية عامة يرجع إلى الشورى وكلمة أهل الحل والفصل هو التدين النهائي في الأمر بشروطه.
وأما الورقة الرابعة: جاءت تحت عنوان: مفهوم الإمامة العظمى وأهم طرق إسنادها” تقديم الدكتور حسن عبد الغفار البشير الأستاذ المساعد بكلية العلوم الاسلامية، تحدث فيها الباحث عن مفهوم الإمامة وشروطها، وأهم الطرق الشرعية لإسناد السلطة، وهدفه: التعرف على مفهوم الإمامة العظمى وكيفية إسنادها في نظام الحكم الإسلامي، والتعرف على كيفية إسناد السلطة في زمن الخلفاء الراشدين لعلنا نقتدى بهم، وتوصل في نهاية دراسته إلى أن الإمامة العظمى هي رياسة الدولة، وأنها ركن من أركانها، وأن نصب الحاكم واجب على المسلمين وأن طاعته واجبة في الطاعة دون المعصية، وأن الحاكم هو الوكيل عن الأمة في تنفيذ أحكام الشرع وسياسة الدنيا وحراسة الدين ويلزم فيمن تسند إليه السُلطة أن يكون مسلماً ذكراً عدلاً كفأً..الخ، كما توصل إلى أن السلطة في الإسلام يتم إسنادها للحاكم عن طريق الاختيار أو الاستخلاف أو الترشيح أو التغلب، ولا يتم إسنادها فعلياً إلا بالبيعة التي تتم عن رضى واختيار، والبيعة تكون خاصة أولاً من أهل الحل والعقد وتشبة الانتخاب الحر غير المباشر، ثم تعقبها بيعة عامة من عموم المسلمين وتشبه الانتخاب الحر المباشر، وإلى عدم اعتبار ولاية المتغلب إلا في حال شغور الزمان عن حاكم أو عدم القدرة عن دفعه لعظم شوكته، وأوصى بوجوب إعمال ضوابط الشرع ومقاصده فيما يتعلق بمسألة إسناد السلطة وتحديد إطارها من قبل أهل الحل والعقد منعاً للصراع السياسي، وبعدم اعتبار ولاية المتغلب إلا في حالة عدم القدرة على دفعة؛ لئلا تكون ذريعة للنزاع وعدم الاستقرار السياسي.
والورقة الخامسة: والتي أتت تحت عنوان أثر تعلم وتعليم القرآن الكريم على تربية وبناء الشخصية المسلمة (دراسة تحليلية تطبيقية) قدمتها الدكتورة إيمان محمد مبروك قطب الأستاذ المساعد بكلية التربية. تحدثت فيها عن: الآثار الإيمانية التى تعود على الفرد المسلم من تعلم وتعليم القرآن الكريم، بتعريف الجوانب التربوية فى تربية وبناء الشخصية المسلمة، وهدفه: التعرف على الفائدة المرجوة من تعليم وتعلم القرآن الكريم لدى الطفل المسلم، وتحديد الآثار الإيمانية التى تعود على الفرد المسلم والمجتمع من تعليم وتعلم القرآن الكريم بغرس بعض الجوانب التربوية لدى الفرد المسلم والتى تساعده على تقبل صعاب الحياة.
والورقة السادسة بعنوان: “منهجية التربية الإسلامية في تنمية الوعي العلمي والتفكير الابتكاري“، قدمتها: الدكتورة أمل محمود علي إبراهيم الأستاذ المساعد بكلية التربية، هدف الباحث خلال دراسته إلى: تحديد مفهوم الوعي العلمي في ضوء التربية الإسلامية، ومنهجيَّة التَّربية الإسلاميَّة في تنمية الوعي العلمي، ومفهوم التَّفكير الابتكاري في ضوء التربية الإسلامية، مع توضيح منهجيَّة التَّربية الإسلاميَّة في تنمية التَّفكير الابتكاري، توصل إلى بعض النتائج، أهمها: ترتيب مهارات التَّفكير لدى عَيِّنَة البحث على النحو الآتي: (الطلاقة، ثم المرونة، ثم الأصالة، وأخيرًا الحساسيَّة للمشكلات)، ضعف امتلاك عَيِّنَة البحث لمهارات تنمية التَّفكير الابتكاري، حيث بلغ المتوسط الحسابي الكلي (1.29) بنسبة مئويَّة بلغت (42.9 %) وهي نسبة دون المتوسط، ومن التوصيات التي وصى بها نذكر منها: عقد دورات تدريبيَّة لمعلمي التَّربية الإسلاميَّة أثناء الخدمة لإكسابهم الاسترايجيات التَّدريسيَّة المناسبة لتنمية مهارات التَّفكير الابتكاري. وتضمين كتاب المعلم لأبرز الأساليب الحديثة في تنمية مهارات التَّفكير الابتكاري ضرورة اهتمام كليات التَّربية والمعلمين بإقامة دورات تدريبيَّة لطلابها في مهارات تنمية التَّفكير الابتكاري.
والورقة السابعة والأخيرة جاءت تحت عنوان: “صناعـــة قـــائد الدولة في القرآن الكريم (طالوت نموذجاً) ” تناول فيها الباحث الدكتور حسين بن علي الزومي الأستاذ المساعد بكلية العلوم الإسلامية، موضوع صناعة القيادة كما أوردها القرآن من خلال قصة (طالوت) وسيكشف عن الأحوال العامة التي تقلّد خلالها (طالوت) قيادة بني إسرائيل، والوسائل والأساليب التي استخدمها النبي (صمويل) عليه السلام لتهيئة الشعب وصناعة القائد الجديد، وذلك يعطينا رؤية قرآنية بأسرار تلك الصناعة، والذي يترتب عليها صلاح أحوال الأمة. وأمتنا المحمدية بحاجة إلى استيعاب هذا الدرس في مسيرتها المتلمسة بناء نموذج قيادي يحاول الاستظلال بمنهج القرآن ما استطاع.
وفي نهاية الجلسة، أكد سعادة عميد البحث العلمي الأستاذ المساعد الدكتور سيكو توري أن إقامة هذه الندوة تعكس مدى اهتمام، وتوجيهات معالي المدير التنفيذي للجامعة الأستاذ الدكتور محمد بن خليفة التميمي، في تكريس مبدأ الحوار، كما وجه الحضور أسمى آيات الشكر والتقدير لمعالي مدير الجامعة التنفيذي على رعايته لهذه الندوة وحرصه على إقامة مثل هذه الجلسات العلمية النافعة، والدائمة على حسن مسيرة الجامعة.
وأمل الحضور أن تحقق هذه الندوة أهدافها، وما نتج عنها من توصيات، وأن تنفع -إن شاء الله – الإسلام والمسلمين والبشرية عامة.