قامت جامعة المدينة العالمية، برعاية معالي المدير التنفيذي الأستاذ الدكتور محمد بن خليفة التميمي- حفظه الله، وبإشراف اللجنة التنسيقية التابعة لعمادة البحث العلمي بوكالة البحوث والتطوير، بتنظيم الندوة الشهرية الثانية لعام 2015م، يوم الخميس الموافق 26 فبرائر 2015م، وذلك ضمن سلسة الندوات العلمية التي تعقدها بشكل شهري، في المقر الرئيس للجامعة بمدينة شاه علم – ماليزيا، تحت عنوان: “قضاء الديون وسهم الغارمين” والتي تناولت خمس ورقات تم مناقشتها خلال جلسات الندوة.
وانطلقت فعاليات الندوة بكلمة افتتاحية من رئيس الجلسة الأستاذ المساعد بكلية العلوم الإسلامية الدكتور حسين بن علي الزومي رئيس قسم القرآن الكريم شكر فيها الحضور على مشاركتهم، كما بين إشكالية الندوة، وهدفها والنتائج الملتمسة منها.
وعلى إثره، تم مداولة الورقات العلمية المسجلة والمسائل والموضوعات المعلنة. حيث جاءت الورقة الأولى تحت عنوان: “الغارمون الذين يستحقون قضاء ديونهم من الزكاة” بإلقاء الدكتور أنيس الرحمن منظور الحق الأستاذ المشارك بكلية العلوم الاسلامية تحدث فيه عن الغارمين الذين يستحقون قضاء ديونهم بسهمهم من الزكاة، وذلك في أربعة مباحث، توصل خلاله إلى أن الغارمين الذين يستحقون قضاء ديونهم بسهمهم من الزكاة هم الغارمون الذين تحملوا الحمالة أو استدانو للغير في المعروف وإصلاح ذات البين. ووصى بتوصيات أهمها: دراسة قضاء ديون طلبة العلوم وسهم الغارمين دراسة مقاصدية وتنموية، وقضاء الديون وسهم الغارمين ودوره في الخدمة الاجتماعية، ودوره في التنمية الاقتصادية.
أما الورقة الثانية والتي قدمها عميد كلية اللغات ورئيس مركز اللغات الأستاذ المشارك الدكتور داود عبد القادر إيليغا فحملت عنوان:”تعثر الديون في المصارف الإسلامية وحكم معالجته بسهم الغارمين”. إذ تحدثت الورقة عن تعثّر الدّيون وكونها من القضايا المالية المعاصرة الّتي تشغل بال المؤسسات المالية في العالم، ومن أجل حلولها تُعقَدُ المنتديات العلمية، والنّدوات المهنية، وورش العمل الفنية، وتبحث كلّ مؤسّسة عن الخروج من هذه الإشكالية؛ ومن الحلول التي تتخذها المصارف التّقليدية هو وضع الزيادات مقابل تمديد المدّة الزّمنية للمدين، وهذا الربا بعينه الذي لا تجيزه الشّريعة الإسلامية، وعند البحث عن حلول شرعية للمصارف الإسلامية تأتي مسألة سهم الغارمين، وهل يجوز شرعًا أن نعالج مشكلة تعرثّر الديون من زكاة هذه المصارف؟، وعليه فإنّ الهدف الأساسي لهذه الدّراسة هو معرفة الحكم الشّرعي لقضاء الديون في المصارف الإسلامية من سهم الغارمين، حيث كان المنهج المتّبع هو المنهج الوصفي التحليلي الذي يتطابق مع طبيعة الدراسة. ومن النّتائج الأساسية التي توصلت إليها الورقة هي تبنّي رأي المجيزين لقضاء الدين المتعثر من سهم الغارمين بقدر نسبة زكاة الدين الذي على المدين؛ إذا توفرت فيهم الشروط التي وضعها العلماء لمن يستحقّ الزكاة، ثمّ أوصت الورقة بضرورة مزيد من البحث في هذا الجانب وخاصّة في جانب التّطبيقات العملية المعاصرة في المصارف الإسلامية لقضاء الدّيون المتعثّرة .
وحملت الورقة الثالثة عنوان: والتي قدمها د. خالد حمدي الأستاذ المشارك بكلية العلوم الاسلامية “سهم الغارمين ودوره في علاج قضايا الديون المتعثرة” تناولت الورقة أحد أسهم الزكاة وهو سهم الغارمين، والذي يسهم بدور كبير في حل مشكلة اجتماعية كبيرة تؤرق الكثير من بيوت المسلمين ألا وهي قضية الدين الذي يعجز الإنسان تماماً عن سداده ويكون هماً وحزناً وكآبة على صاحبه، فجل الله تعالى في الزكاة حلاً ومخرجاً لهؤلاء الغارمين ، ومن الناس من يصلح بين الناس فيتعهد أو يضمن دفع مبالغ مالية لتسهيل هذا الصلح ، وهذا عمل نبيل يذكر فيشكر ، ولكن يضطر الإنسان للغرم في هذه الحالة وهو الغارم لمصلحة غيره ، فهذا لما فرج عن المسلمين كرباً وجب أن يساعد في رفع الضرر عنه بسداد غرمه ، فكانت الزكاة عوناً لهؤلاء كذلك في إسداء خيرهم للعباد ، ويتعلق بهذا الموضوع أحكام فقهية كثيرة عالجها الفقهاء في مسائل متناثرة في كتبهم فأردت أن أجمع متناثر هذه المسائل وأدرس خلاف الفقهاء فيها مناقشاً أدلتهم ، ومرجحاً الأقوى منها حسب مقتضيات علم الأصول مع الاستبصار بمقاصد الشريعة في ذلك ، سائلاً المولى تعالى العون والتوفيق والسداد.
أما الورقة الرابعة : “التجارب المعاصرة لتطبيقات مصرف الغارمين في الزكاة (تجربة السودان نموذجا)” فتناول فيها الأستاذ المشارك بكلية العلوم الاسلامية الدكتور الصديق أحمد عبد الرحيم الجزولي مفهوم الزكاة والغارمين وحكمة مشروعيتها، وأنواع الغرم، والتسوية والمفاضلة في صرف الزكاة، كما تطرق إلى تجربة السودان في مجال الغارمين، والخيارات الفقهية للمشرع السوداني في مجال الغارمين، ومراحل تقنين الزكاة في السودان، والمقصود بالخيارات الفقهية، ومنهج المشرع السوداني في الأخذ بالخيارات الفقهية، والتشريعات المنظمة لمصرف الغارمين، وقانون الزكاة السوداني، واللائحة التنفيذية لقانون الزكاة، ومرشد المصارف.
وألقى الورقة الخامسة والأخيرة، التي حملت عنوان: (“الغارمون” في الخطاب القرآني المعاصرة) سعادة عميد البحث العلمي الأستاذ المساعد بكلية العلوم الاسلامية الدكتور سيكو توري. وسعى بحثه إلى دراسة تفسير آية “والغارمين” في التفاسير المعاصرة، للوقوف على أهم المسائل العلمية والقضايا المتعلقة بسهم الغارمين من جهة، وللمقارنة بين المسائل المدروسة من جهة أخرى. وسلك الباحث في ذلك على المنهج الاستقرائي في تتبع مفردات سهم الغارمين في تلك التفاسير، كما أن الباحث سلك على المنهج التحليلي المقارن في دراسة وجوه الشبه والاختلاف بين المسائل التي تعرضت لها تلك التفاسير. فوصل إلى نتائج أن مسألة سهم الغارمين مسألة محسومة في التفسير القديم، ولا جديد في الأمر سوى التجليات والأشكال الجديدة في بيان حد الفقر والغنى وأساليب الديون وطرق قضائه. وأن من أهم تلك النتائج إضافات التفاسير الجديدة أقل من عشر بالمائة (10%) من مجموع بيانات كتب التفاسير التراثية، وذاك موح إلى أن مثل هذا النوع من الدراسة مفيد في مجال التعليم لا في مجال البحث؛ الله إلا ما تعلق منها ببحث ميداني أو تطبيقي.
وفي نهاية الجلسة، أكد سعادة عميد البحث العلمي الأستاذ المساعد الدكتور سيكو توري أن إقامة هذه الندوة يعكس مدى اهتمام، وتوجهات معالي المدير التنفيذي للجامعة الأستاذ الدكتور محمد بن خليفة التميمي، في تكريس مبدأ الحوار، كما وجه الحضور أسمى آيات الشكر والتقدير لمعالي مدير الجامعة التنفيذي على رعايته لهذه الندوة وحرصه على إقامة مثل هذه الجلسات العلمية النافعة، والدائمة على حسن مسيرة الجامعة.
وأمل الحضور أن تحقق هذه الندوة أهدافها، وما نتج عنها من توصيات، وأن تنفع -إن شاء الله – الإسلام والمسلمين والبشرية عامة.
شكر الله لكل من أعد وشارك وحضر هذه الندوة.